مِحنَة أُخرى تَعيشها إحدى الأُسَر المغربيّة بِبُوقنادل بعد أن تناهى
إلى عِلمِها خبَرُ سَفر ابنها المتزوج والأب لطفلَتَيْن، جواد العلوي (27
سنة) إلى تركيا، قصد العمل والرجوع بعد ذلك، حسب إفادتها، قبل أن يجد نفسه
عالقا في الحدود التركية السورية قرب اللاذقية، حيث اشتغل لمدة رفقة هيئة
للإغاثة وتوزيع الأدوية على اللاجئين السوريين هناك..
جواد، الأب لطفلتين لم تتجاوزا الـ5 سنوات (دعاء ومريم) أخبر عائلته،
بمن فيهم الوالدين والزوجة نعيمة، بأنه ذاهب للعمل بأكادير، في إطار مشروع
للصباغة التي يمتهنها منذ سنوات، حيث غادر رفقة أربعة من الشباب للغرض ذاته
بوسَاطَة من صاحب محلّ لبيع الأثاث بالمدينة، الذي قيل لنا أنه يتردد
كثيرا على السعودية وراكم ثروة متواضعة في زمن قياسي..
وفقا لمصادر مقربة من جواد فإن صاحب المحل المذكور أقنعه بالذهاب إلى
تركيا للعمل هناك، وفي الوقت نفسه تحدث معه عن "إمكانية الدخول إلى سوريا
للقتال"، مُضيفةً أنّ الرّجل تمكّن من الحصول على جَواز سَفَره منذ شهرين
تقريباً، قبل أن يغادر المغرب في 26 يناير الماضي متوجها إلى الأراضي
التركية، حيث أجرى اتصالا بأسرته مخبرا إياها أنه مُحاصر من طرف الشرطة
التركية وأنه يُفكّر في الرجوع.
في اتصال مع العائلة ردّ الأب الغزواني على الهاتف بصوت خافت،
معتذرا عن توفير إجابات لشدة صدمة تواجد ابنه في الحدود مع سوريا، متحدثا
بنبرة متثاقلة: "الكلّ هنا مريض وْمَاغَادِيشْ نسْمْحُو لِّي دَارْ
فْوَلْدْنا هَادشّي"، قبل أن تتلقف أخت جواد الهاتف لتخبر بأنّ جواد مُحاصر
لدى الشرطة التركية.. "خُويا بْغَا يجِي لكن مَالْقَاشْ كِيفَاشْ..
وَحْنَا هْنَا في حالة يُرثى لها وننتظر مجيئه" تقول المتحدّثة.
أما الزوجة نعيمة فقد أخبرتنا أن جواد اتصل بها صباح الجمعة الماضية
وأخبرها بأنه يشتغل مع هيئة لإغاثة اللاجئين في الحدود السورية التركية،
"رَاهْ بْغَا يرجع وقالّي خاصّو 50 أورو فقط باشْ يخرج للمطار"، موجهة
نداءً من أجل عودة زوجها "ماعْرَفْنَاشْ أشْ نْدِيرُو بَاشّ نْرجعُو
جَواد.. راه قاليّا بأنّه بْغَا يْرجع وتْوَحّشْ بْناتُو.."، مشددة على أن
زوجها ذهب في مُهمّة العمل في تركيا "ليس إلّا".
مصادر مُقربة من العائلة قالت بأنها تعيش أجواءٌ من الحُزن الشديد
والإحباط بعد سماع خبر سفر جواد إلى تركيا، "الجيران يأتون إلى المنزل من
أجل التعزية"، مشيرة أن السلطات المحلية ببوقنادل أخبرت العائلة بأن السّجن
سيكون مصير ابنها إذا عاد إلى المغرب، "غِيرْ يْرجَع بْعْدَا.. المُهم
مايْبْقَاش تْمّاكْ" يضيف أحد أفراد العائلة.
المصادر ذاتها وجّهت أصابع الاتهام إلى صاحب محل لبيع الأثاث في "تجنيد
شباب بوقنادل" بالسفر إلى تركيا.. "إنه يتواجد حاليا بالسعودية.. واشترى
منزلا فاخرا بالمدينة بعد أن كان فقيرا إلى وقت قريب"، مضيفة: "كيف يشتري
هؤلاء الدين والجنة بالمال"، مشيرة من جهة أخرى أن أسرة جواد كانت مُحافظة
وأن الرجل كان عاديا ولا يظهر عليه أثر للتطرّف.
