فتيحة.. حكاية مغربية عاشت في مُعسكرات و"بايعت القاعدة"
تفضل أن تلقب بـ "أم الشهيد آدم كريم المجاطي"، وتصف نفسها بـ"المهاجرة في سبيل الله" و"الأسيرة السابقة" و"المضطهدة في وطنها".. هي فتيحة حسني، التي أعلنت "بيعتها" أخيرا لأخطر تنظيم مطلوب في العالم، هو تنظيم القاعدة، وهي التي تبقت من عائلة كريم المجاطي، بعد أن قتل زوجها وابنها آدم في مواجهات الرس السعودية عام 2005، ومغادرة ابنها البكر إلياس (21 سنة)، قبل أسبوعين، للقتال في سوريا ضمن فصيل "الدولة الإسلامية للعراق والشام"، المعروف اختصارا بـ"داعش".
أم آدم.. قتال واعتقال
تعيش أم آدم المجاطي حاليا وحيدة في منزلها بحي المعاريف بالدار البيضاء، وسط حراسة عناصر أمنية تلازمها يوميّاً، وهي الحراسة التي فرضت عليها منذ 2003 بعد أن سلّمتها السعودية للمغرب، وذلك إدراج السلطات السعودية اسم زوجها كريم المجاطي ضمن قائمة لـ26 مطلوبا للعدالة من المتهمين بالانتماء لتنظيم القاعدة، في وقت تم إدراج المجاطي أيضا في مذكرة بحث وطنيّة عقب تفجيرات الدار البيضاء في 16 ماي 2003.
توضح الناشطة السلفية المثيرة للجدل أنها أجبرت على العودة إلى المغرب رفقة ابنها إلياس عام 2003، بعد مغادرته في 2001، مشيرة إلى أن عملية العودة تمت على متن طائرة خاصة محروسة أمنيا.

تخرجت أم آدم من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء عام 1986، بعد أن نالت الإجازة في القانون الخاص باللغة الفرنسية، حيث كانت الأولى على دفعتها، وصادف أن حضرت حفلا تكريميا نظم على شرف المتفوقين من خريجي الجامعات والمعاهد المغربية حينها، وهو الموعد الذي أقيم بالقصر الملكي بالدار البيضاء بعدما تزامنت المناسبة بحصول الملك محمد السادس، وليّ العهد آنذاك، على الإجازة في القانون، حيث كشفت أم آدم أنها التقت بالملك في ذلك اليوم، واصفة الموقف بقولها "التقينا أنا وأنت.. انتهى الحفل وتفرّق الجمع ومرّت الأيام وفرّقت بيني و بينك الأقدار.. فصرتَ أنتَ مَلكاً و صرتُ أنا أسيرة ومضطهدة في مملكتك".
لم تكن فتيحة حسني متحجبة في بداية شبابها، عاشت شبابها في تلك الفترة منبهرة بالغرب، مترددة بين عواصمه وملازمة لأنماط عيش راقية ومتحررة.. إلى أن انقلبت حياتها إلى امرأة مُنقّبة وحاقدة على الغرب عامة وعلى الأمريكان خاصة، الذين تصفهم بـ"دول الكفر" وتناهض سياساتهم تجاه العالم الإسلامي.. قبل أن تجد نفسها رفقة زوجها كريم تعانق حكم "الطالبان" في أفغانستان، وتلاحَقَ في باكستان وصولا إلى السعودية، حيث تم تسليمها إلى المغرب عام 2003 وقتل زوجها وابنها بعد ذلك بسنتَين.
كريم.. من الطب إلى معسكرات طالبان
أما الزوج كريم التهامي المجاطي، الملقب بـ "أبي إلياس المغربي"، فقد تمت تصفيته مطلع أبريل من عام 2005، بمنطقة الرس السعودية، بعد محاصرة قوات الأمن لقيادات عربية بارزة في تنظيم القاعدة.. وهي العملية التي أدت إلى مقتل كريم (38 سنة) رفقة ابنه آدم (11 سنة).

درس كريم الطب في فرنسا، وتأثر في ريعان شبابه بمناظر القصف الأمريكي على العراق عام 1991، حيث تغيرت حياته العادية إلى رجل ملتزم بأداء الصلاة في أوقاتها وارتداء "الدين الإسلاميّ"، قبل أن يلتحق للقتال في البوسنة عام 1992 ضد القوات الكرواتية، وشارك هناك في تأسيس مدرسة للأطفال ومعسكر للمقاتلين.
في عام 1993، عاد كريم لفرنسا من أجل الرجوع رفقة أم أدم وابنه الصغير إلياس، قبل أن يتم اعتقالهم في الحدود البوسنية الكرواتية، إلى أن تم الإفراج عنهم بعد تدخل من السفارة الفرنسية.
بعدها بسنة، توجهت أسرة المجاطي إلى أفغانستان، حيث تلقى الزوج تدريبا عسكريا وتعليما دينيا، وعاش متنقلا طيلة تلك الفترة بين أفغانستان وباكستان، قبل أن يعود أواسط التسعينيات إلى المغرب.
قبل شهر من أحداث 11 شتنبر 2001 التي هزت الولايات المتحدة الأمريكية، انتقلت أسرة المجاطي، (كريم وفتيحة وآدم وإلياس)، مرة أخرى إلى أفغانستان، حيث شارك الزوج في المواجهات العسكرية إلى جانب طالبان في قندهار ضد الجيش الأمريكي الذي شنّ حينها هجوما عسكريا على أفغانستان عقب التفجيرات.

في 05 أبريل من العام 2005، تناقلت وسائل الإعلام السعودية خبر مقتل قياديّين بارزين ينتمون لتنظيم القاعدة، على إثر مواجهة نارية مع قوات الأمن السعودية التي حاصرتهم في مبنى بحي الجوازات بمنطقة الرس، وكان كريم المجاطي (38 سنة)، من ضمن من قضوا في تلك المواجهات، إضافة إلى ابنه أدم، الذي كان يبلغ من العمر حينها 11 سنة.
أم آدم طالبت حينها السلطات المغربية بترحيلها إلى السعودية لمعاينة زوجها وابنها، إلا أن رفْض طلبها دفعها للمطالبة بتسليم الجثمانيين، حيث اتهمت السلطات المغربية بحرمانها من ذلك، إلى أن تم استلامهما من الحكومة السعودية في 3 مارس 2007.
العودة والاعتقال
اعتقلت أم آدم رفقة إلياس (كان عمره 10 سنوات)، وتقول إنّ ذلك قد تمّ "داخل المعتقل السري بتمارة" حيث قضت نحو 9 أشهر (من 20 يونيو 2003 إلى 17 مارس 2004)، مضيفة: "خرجتُ بطفل عمره11 سنة مختل عقليا وهرمونيا بعد أن كان طفلا نابغة يحفظ 45 حزبا من القرآن الكريم ويجيد القراءة برواية ورش عن نافع عن طريق الأزرق و برواية حفص عن عاصم، و كان يصلي بالناس التراويح وعمره 9 سنوات".
أم آدم متزوجة من المعتقل الإسلامي مولاي عمر العمراني هادي، 47 سنة والمدان بـ14 سنة سجنا في قضايا ذات صلة بالإرهاب، وخاضت معركة احتجاجية حقوقية من أجل توثيق زواجها منه وزيارته داخل سجنه، رغم توفرها على قرار يتيح الإذن بولوج عدول للمؤسسة السجنية قصد توثيق القران، إضافة إلى شهادات شخصية تثبت صحة زواجها من العمراني، بينها شهادة الزوجة الأولى لعمر.
لا تعترف أم آدم بـ "القوانين الوضعية"، كما أنها تعلن مواقفها الموالية لتنظيم القاعدة بشكل واضح، ولا تخفي أنها تنشد حُكماً إسلاميا على طريقة "حركة الطالبان"، وهي التي أعلنت غير ما مرة رغبتها في الانضمام للعيش تحت رايتها بأفغانستان، فيما تصف حياتها في المغرب بـ "الجحيم والإمعان في الإذلال والقهر والظلم" مشيرة في نهاية المطاف نيتَها التواجد ضمن الفصائل المتواجدة وسط الاقتتال بسوريا رادة عدم تحقق ذلك إلى "عُذر المرض".